مساحة إعلانية

الأحد، 8 نوفمبر 2015

الأحد، 8 نوفمبر 2015

الباب لرابع: القرارات الإدارية.

محاضرات في مقياس القانون الإداري السنة الثانية حقوق
البـــــــــــــــــــــــــاب الأول : التنظيم الإداري.
الفصل الأول : التعريف بالقانون الإداري.                الفصل الثاني : نشأة القانون الإداري.
الفصل الثالث : خصائص ومصادر القانون الإداري.
الفصل الرابع : أساس القانون الإداري .
البــــــــــــــــاب الثاني : نشاط الإدارة العامة.
الفصل الأول: الضبط الإداري                            الفصل الثاني : المرفق العام
البــــــــــــــــــــــــاب الثالث: الوظيفة العامة.
الفصل الأول :- ماهية الموظف العام.                  الفصل الثاني : التعيين في الوظيفة العامة.
الفصل الثالث :- حقوق وواجبات الموظف العام      الفصل الرابع :- تأديب الموظف العام 
البـــــــــــــــــــــاب الرابع: القرارات الإدارية.
الفصل الأول : تمييز القرار الإداري عن أعمال الدولة الأخرى 
الفصل الثاني : مفهوم وعناصر القرار الإداري      الفصل الثالث: تصنيف القرارات الإدارية.
الفصل الرابع : النظام القانوني للقرارات الإدارية     الفصل الخامس : نهاية القرارات الإدارية
البــــــــــــــــــــــــاب الخامس:العقود الإدارية.
الفصل الأول: ظهور فكرة العقود الإدارية.            الفصل الثاني: معيار تمييز العقد الإداري 
الفصل الثالث: إبرام العقود الإدارية                   الفصل الرابع: الحقوق والالتزامات الناشئة عن العقد الإداري 
                         الفصل الخامس: نهاية العقود الإدارية
البـــــــــــــــــــــاب الرابع: القرارات الإدارية.
الفصل الرابع
النظام القانوني للقرارات الإدارية
Le Regim des decision administratives

يتضمن النظام القانوني للقرارات الإدارية على امتيازات مهمة مقررة للسلطة , مثلما يحتوى على قيود ترد على حرية الإدارة ,
وفي هذا الجانب من الدراسة نتناول هذه الامتيازات والقيود في ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : سلطة الإدارة في إصدار القرارات الإدارية .
المبحث الثاني : نفاذ القرارات الإدارية .
المبحث الثالث : تنفيذ القرارات الإدارية

المبحث الأول
سلطة الإدارة في إصدار القرارات الإدارية

تمارس الإدارة سلطتها في إصدار القرار بإتباع أسلوبين : الأول أن تمارس اختصاصاً مقيداً عندما يلزمها المشرع بوجوب
التصرف على النحو معين , والأسلوب الثاني يتمثل بممارسة الإدارة اختصاصاً تقديرياً , عندما يترك لها المشرع قدراً من
حرية التصرف .

أولاً : الاختصاص المقيد .
يقصد بالاختصاص المقيد أن لا تكون الإدارة حرة في اتخاذ القرار أو الامتناع عن اتخاذه , فالقانون يفرض عليها عند توفر
شروط معينة أو قيام عناصر واقعية محددة , إصدار قرار معين , وقد يحدد الهدف الذي يتعين على الإدارة أن تعمل على تحقيقه
أو الوقت المناسب لإصداره .
وفي هذه الحالة تكون مهمة الإدارة مقصورة على تطبيق القانون على الحالات التي تصادفها عندما تتحقق أسبابها , فلا يترك لها
أية حرية في التقدير . ( )
ومثال الاختصاص المقيد حالة ترقية الموظف بالأقدمية فإذا توفرت هذه الأقدمية فإن الإدارة مجبرة على التدخل وإصدار
قراراتها بالترقية .
ومع ذلك فإن المشرع قد لا يكبل الإدارة بجميع هذه القيود فمن المستحيل أن تكون جميع عناصر القرار الإداري مقيدة , لأن المهم
أن يسير القرار الإداري الصادر ضمن الاختصاص المقيد للإدارة في مجال النطاق القانوني الذي رسمه المشرع حتى لا يكون
مشوباً بعدم مشروعيته .
ويتمثل الاختصاص المقيد في بعض عناصر القرار الإداري أكثر من الأخرى , فلا تتمتع الإدارة بحرية في مجال عنصر
الاختصاص , حيث يكون قراراها باطلاً أو معدوماً إذا لم تحترم قواعد الاختصاص , وكذلك في عنصر الشكل عندما يرسم
المشرع القواعد والإجراءات الواجب إتباعها عند إصدار القرار , كما يرد الاختصاص المقيد أحياناً في العناصر الموضوعية من
القرار الإداري فيجب أن يكون للقرار الإداري سبب ومحل مشروعان , وأن تهدف الإدارة من إصداره إلى تحقيق المصلحة
العامة .
ثانياً : السلطة التقديرية
يقصد بالسلطة التقديرية أن تكون الإدارة حرة في اتخاذ القرار أو الامتناع عن اتخاذه أو في اختيار القرار الذي تراه , أي أن
المشرع يترك للإدارة حرية اختيار وقت وأسلوب التدخل في إصدار قرارها تبعاً للظروف .
فالمشرع يكتفي بوضع القاعدة العامة التي تتصف بالمرونة تاركاً للإدارة تقدير ملائمة التصرف , شريطة أن تتوخى الصالح
العام في أي قرار تتخذه وأن لا تنحرف عن هذه الغاية , و إلا كان قرارها مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة . ( ) مثال ذلك
سلطة الإدارة في إصدار قرار الترقية بالاختيار على أساس الكفاءة .
وتتجلى سلطة الإدارة التقديرية في عنصر السبب وهو الحالة الواقعية والقانونية التي تبرر اتخاذ القرار , والمحل وهو الأثر
القانوني المترتب عنه حالاً ومباشرة , أما باقي عناصر القرار الإداري وهي الاختصاص والشكل والغاية فإنها تصدر بناءً على
اختصاص مقيد .

مدى رقابة القضاء على السلطة التقديرية .
ترتبط السلطة التقديرية بفكرة ملائمة القرار الإداري , إذ أن المشرع منح الإدارة هذه السلطة شعوراً منه بأنها أقدر على اختيار
الوسائل المناسبة للتدخل واتخاذ القرار الملائم في ظروف معينة , وأنه مهما حاول لا يستطيع أن يتصور جميع الحالات التي قد
تطرأ في العمل الإداري ويضع الحلول المناسبة لها .
في حين يقوم الاختصاص المقيد على فكرة مشروعية القرار الإداري , لأن الإدارة مقيدة دائماً بما يفرضه القانون , ويترتب على
ذلك أن القضاء يملك بسط رقابته على مشروعية القرار الصادر بناءً على اختصاص الإدارة المقيد , ويملك إلغاؤه إذا ما تبين أنه
مخالف للقانون .
ويتضح مجال الرقابة على عنصر السبب في أن الإدارة تملك تقدير أهمية وخطورة الوقائع ولا تخضع في ذلك لرقابة القضاء ,
في حين يمارس القضاء رقابته على صحة قيام الوقائع المادية التي قام عليها القرار, وكذلك فيما يتعلق بالتكييف القانوني لهذه
الوقائع .
أما بالنسبة لعنصر المحل فمن الممكن القول بأن معظم الاختصاص فيه هو اختصاص تقديري فبعد أن تتحقق الإدارة من قيام
الوقائع المادية , وبعد أن تكيفها التكييف القانوني الصحيح , وتقدر مدى خطورة هذه الوقائع , تنتقل إلى عنصر المحل متمتعة
بسلطة تقديرية واسعة في أن تتدخل أو لا تدخل واختيار وقت هذا التدخل كما تتمتع الإدارة بسلطة تحديد الأثر القانوني الذي تريد
ترتيبه , ما لم ينص المشرع على ضرورة تدخلها ووقته والأثر المترتب عليه . ( )
وقد برز في مجال رقابة القضاء على السلطة التقديرية اتجاهان فقد ذهب جانب من الفقه إلى أن القضاء يمتنع عن بسط رقابته
على أعمال الإدارة المستندة إلى سلطتها التقديرية , فالقاضي بحسب رأيهم يمارس المشروعية وليس رقابة الملائمة ولا يجوز له
أن يمارس سطوته على الإدارة فيجعل من نفسه رئيساً لها . ( )
في حين يذهب الجانب الآخر إلى جواز تدخل القاضي لمراقبته السلطة التقديرية على أساس ما يتمتع به القاضي الإداري من دور
في الكشف عن قواعد القانون الإداري فيمكن له أن يحول بعض القضايا المدرجة في السلطة التقديرية والمرتبطة بالملائمة إلى
قضايا تندرج تحت مبدأ المشروعية تلتزم الإدارة بأتباعها و إلا تعرضت أعمالها للبطلان.( )
والرأي الأكثر قبولاً في هذا المجال يذهب على أن سلطة الإدارة التقديرية لا تمنع من رقابة القضاء وإنما هي التي تمنح الإدارة
مجالاً واسعاً لتقدير الظروف الملائمة لاتخاذ قراراتها وهذه الحرية مقيدة بأن لا تتضمن هذه القرارات غلطاً بيناً أو انحرافاً
بالسلطة , وهي بذلك لا تتعارض مع مبدأ المشروعية بقدر ما تخفف من اختصاصات الإدارة المقيدة .
المبحث الثاني
نفاذ القرارات الإدارية

الأصل أن يكون القرار الإداري نافذاً من تاريخ صدروه من السلطة المختصة قانوناً بإصداره , ولكنه لا يسري في حق الأفراد
المخاطبين به إلا إذا علموا به عن طريق أحدى الوسائل المقررة قانوناً . ومن ثم فهناك تاريخان رئيسيان لنفاذ القرارات الإدارية
هما تاريخ صدور القرار , وتاريخ العلم به أو سريانه في مواجهة الأفراد , وسنبحث هذين التاريخان ثم نبحث في مبدأ عدم
رجعية القرارات الإدارية و أمكان أرجاء آثاره إلى المستقبل .

أولاً : تاريخ صدور القرار الإداري ذاتـه .
الأصل أن القرار الإداري يعد صحيحاً ونافذاً من تاريخ صدوره , ومن ثم فإنه يسرى في حق الإدارة من هذا التاريخ ويستطيع
كل ذي مصلحة أن يحتج بهذا التاريخ في مواجهتها غير أن هذا القرار لا يكون نافذاً بحق الأفراد إلا من تاريخ علمهم به .
إلا أن هذه القاعدة ترد عليها بعض الاستثناءات , من ذلك أن هناك من القرارات ما يلزم لنفاذها إجراءات أخرى من قبيل
التصديق أو وجود اعتماد مالي , فلا ينفذ القرار إلا من تاريخ استيفاء هذه الإجراءات , كما قد تعمد الإدارة إلى أرجاء أثار القرار
إلى تاريخ لاحق لتاريخ صدوره وهو ما يعرف بإرجاء أثار القرار الإداري . ( )
ثانياً : سريان القرار الإداري في مواجهة الأفراد .
إذا كان القرار الإداري ينفذ في حق الإدارة بصدوره , فإنه لا يكون كذلك في مواجهة الأفراد , فيلزم لذلك علمهم به بأحدى وسائل
الإعلام المقررة قانوناً , وهي : الإعلان , النشر, أو بعلم صاحب الشأن علماً يقينياً .
1. الإعلان :
يقصد بالإعلان تبليغ القرار الإداري إلى المخاطب به بالذات , والأصل أن الإعلان يتم بكافة الوسائل المعروفة والتي من خلالها
يمكن أن يتحقق علم صاحب الشأن بالقرار , كتسليمه القرار مباشرة أو بالبريد أو عن طريق محضر , أو لصقه في المكان
المخصص للإعلان .
والإعلان هو الوسيلة الواجبة لتبليغ القرارات الفردية الصادرة بصدد فرد معين بالذات أو أفراداً معينين بذواتهم أو بخصوص
حالة أو حالات معينة , كما هو الحال بالنسبة لقرار تعيين موظف أو منح رخصة مزاولة مهنة معينة , وعلى ذلك لا يكفي نشر
القرار لافتراض العلم به . ( )
وهذا الإعلان قد يكون تحريرياً كما يصح شفهياً و فالإدارة غير ملزمة بإتباع وسيلة معينة للإعلان إلا أن الصعوبة تكمن في
إثبات التبليغ الشفهي لذلك نجد الإدارة تسعى دائماً إلى أن يكون إعلانها كتابة حتى تتجنب مخاطر التبليغ لأن من السهل عليها
إثبات التبليغ الكتابي .
إلا أن عدم تطلب شكلية معينة في الإعلان لا ينفي ضرورة احتواء الإعلان على مقومات تتمثل في ذكر مضمون القرار والجهة
الصادر منها وأن يوجهه إلى ذوي المصلحة شخصياً أو من ينوب عنهم . ( )
2. النشر :
النشر هو الطريقة التي يتم من خلالها علم أصحاب الشأن بالنسبة للقرارات الإدارية التنظيمية أو اللائحية .
وعادة ما تتضمن القرارات التنظيمية قواعد عامة مجردة تنطبق على عدد غير محدد من الحالات أو الأفراد , مما يتطلب علم
الكافة به من خلال نشره .
ويتم النشر عادة في الجريدة الرسمية إلا إذا نص القانون على وسيلة أخرى للنشر فيجب على الإدارة أتباع تلك الوسيلة كأن يتم
في الصحف اليومية أو عن طريق لصق القرار في أماكن عامة في المدينة .
وحتى يؤدي النشر مهمته يجب أن يكشف عن مضمون القرار بحيث يعلمه الأفراد علماً تاماً وإذا كانت الإدارة قد نشرت ملخص
القرار فيجب أن يكون هذا الملخص يغني عن نشره كله فيحوي على عناصر القرار الإداري كافة , حتى يتسنى لأصحاب الشأن
تحديد موقفهم من القرار .
3. العلم اليقيني
أضاف القضاء الإداري إلى النشر والإعلان العلم اليقيني بالقرار كسبب من أسباب علم صاحب الشأن بالقرار الإداري وسريان
مدة الطعن بالإلغاء من تاريخه . ( )
والعلم اليقيني يجب أن يكون متضمناً المضمون الكامل لعناصر القرار الإداري ومحتوياته فيقوم مقام النشر والإعلان , فيصبح
صاحب الشأن في مواجهة القرار في حالة تسمح له بالإلمام بكافة ما تجب معرفته , فيتبين مركزه القانوني من القرار وإدراك
مواطن العيب فيه , وما يمس مصلحته , فلا عبره بالعلم الظني أو الافتراض مهما كان احتمال العلم قوياً . ( )
ويمكن أن يستمد هذا العلم من أية واقعة أو قرينه تفيد حصوله دون التقيد بوسيلة معينة للإثبات وللقضاء الإداري أن يتحقق من
قيام أو عدم قيام هذه القرينة وهل هي كافية للعلم أم لا , ولا يبدأ سريان مدة الطعن إلا من اليوم الذي يثبت فيه هذا العلم اليقيني .
ويلزم أخيراً أمكان ثبوت العلم اليقيني في تاريخ معين حتى يمكن حساب ميعاد الطعن بالإلغاء من تاريخه , ومن ثم فلا عبره
بالعلم اليقيني بالقرار حتى وأن ثبتت واقعة أو قرينة العلم به طالما أنها تمت دون أن يوضع تاريخها . ( )

ثالثاً : مبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية .
الأصل أن تسرى آثار القرارات الإدارية على المستقبل , ولا تسري بأثر رجعي على الماضي احتراماً للحقوق المكتسبة
والمراكز القانونية التي تمت في ظل نظام قانوني سابق , و احتراماً لقواعد الاختصاص من حيث الزمان .
والمسلم به في القضاء الإداري أن قاعدة عدم رجعية القرارات الإدارية هي قاعدة آمره وجزاء مخالفتها بطلان القرار الإداري
ذي الأثر الرجعي , ويقوم مبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية على عدة اعتبارات تتمثل في :
1. احترام الحقوق المكتسبة : إذا اكتسب الأفراد حقاً في ظل نظام قانوني معين أو رتب لهم قرار إداري مركزاً قانونياً معيناً , فأنه
لا يجوز المساس بهذا المركز إلا بنص خاص و ويسرى التغيير أو التعديل في هذا المركز بأثر حال ومباشر من تاريخ العمل به
وليس بأثر رجعي .
2. استقرار المعاملات بين الأفراد : المصلحة العامة تقتضي أن لا يفقد الأفراد الثقة والاطمئنان على استقرار حقوقهم و مراكزهم
الذاتية التي تمت نتيجة لتطبيق أوضاع القانوينة السابقة .
3. احترام قواعد الاختصاص : تقوم قاعدة عدم رجعية القرارات لإدارية على ضرورة اعتداء مصدر القرار على اختصاص
سلفه .
ومن الجدير بالذكر أن بطلان القرار الإداري الذي يصدر خلافاً لقاعدة عدم الرجعية على الماضي قد لا يكون بطلاناً كلياً , كما لو
صدر قرار بترقية موظف عام من تاريخ لا يستحق فيه الترقية , فإذا كان القرار سليماً فأنه يلغي جزئياً فيما يتعلق بالتاريخ
المحدد للترقية , وتعتبر الترقية من التاريخ الذي استكمل فيه المدة القانونية , أما إذا كان القرار غير قابل للتجزئة فأن البطلان
يشمله كله . ( )
غير أن قاعدة عدم رجعية القرارات الإدارية على الماضي لا تسري على إطلاقها فقد بدأ القضاء الإداري يخفف من حدتها
فظهرت بعض الاستثناءات التي يمكن ردها إلى ما يلي :-
1. إباحة الرجعية بنص القانون : يجوز للمشرع أن يخول الإدارة بنص صريح أن تصدر قرارات معينة بأثر رجعي على اعتبار
أن المشرع يمثل المصلحة العامة التي تسعى الإدارة إلى تحقيقها .
2. إباحة الرجعية في تنفيذ الأحكام : الحكم القضائي الصادر بإلغاء قرار إداري يؤدي إلى إعدام هذا القرار بالنسبة للمستقبل
والماضي , وحتى تنفذ الإدارة حكم الإلغاء لابد لها من إصدار قرارات متضمنة بالضرورة آثاراً رجعية , كما لو حكم القضاء
بإلغاء قرار الإدارة بفصل موظف فإن الإدارة تلتزم بإعادته إلى وظيفته السابقة مع منحه الامتيازات والحقوق التي فاته التمتع
بها في فترة انقطاعه عن الوظيفية .
3. رجعية القرارات الإدارية الساحبة : درج القضاء على أن قرار الإدارة بسحب القرارات الإدارية يتم بأثر رجعي نظراً
لإعدامه القرار المسحوب من تاريخ صدروه, فالإدارة تملك حق سحب قراراتها التنظيمية في كل وقت سواء كانت مشروعة أو
غير مشروعة , وكذلك يجوز لها سحب قراراتها الفردية الغير مشروعة والمرتبة لحقوق ذاتية خلال مدة الطعن بالإلغاء .
4. رجعية القرارات المؤكدة والمفسرة : إذا صدر قرار بقصد تأكيد أو تفسير قرار سابق و فإن القرار المؤكد أو المفسر يسرى
حكمه من تاريخ تطبيق القرار الأول لأنه لا يضيف أثراً جديداً له بل يقتصر على تأكيده أو تفسيره .
5. رجعية القرارات الإدارية لمقتضيات المرافق العامة : استقر القضاء الإداري في فرنسا ومصر على عدم تطبيق قاعدة رجعية
القرارات الإدارية كلما تعارض تطبيقها مع مقتضيات سير المرافق العامة . ( )
رابعاً : أرجاء آثار القرار الإداري للمستقبل .
في مقابل قاعدة عدم الرجعية القرارات الإدارية على الماضي تملك الإدارة في بعض الأحيان أرجاء تنفيذ القرار الإداري إلى
تاريخ لاحق , ودرج القضاء الإداري على التمييز في ذلك بين القرارات الإدارية التنظيمية أو اللوائح والقرارات الإدارية الفردية
:
1. القرارات الإدارية التنظيمية : تملك الإدارة أرجاء آثار القرارات التنظيمية إلى تاريخ لاحق لصدورها , لأن ذلك لا يتضمن
اعتداء على سلطة الخلف , لأن هذا الخلف يملك دائماً حق سحب أو إلغاء أو تعديل قراراته التنظيمية لأنها لا ترتب حقوقاً مكتسبة
بل تنشئ مراكز تنظيمية عامة .
2. القرارات الإدارية الفردية : الأصل في القرارات الإدارية الفردية أن لا يجوز للإدارة أن ترجئ آثارها للمستقبل لأن ذلك يمثل
اعتداء على السلطة القائمة في المستقبل لأنه يولد عنها مراكز قانونية خاصة , يستطيع الأفراد أن يحتجوا بها في مواجهة الإدارة
استناداً إلى فكرة الحقوق المكتسبة .
كما لو أصدرت السلطة الإدارية الحالية قراراً بتعيين موظف وأرجئت تنفيذ هذا القرار إلى فترة لاحقة , فتكون قد قيدت السلطة
الإدارية في المستقبل بقرار التعيين خلافاً لقواعد الاختصاص .
ومع ذلك يجوز أحياناً ولضرورات سير المرافق العامة تأجيل آثار القرار الإداري إلى تاريخ لاحق , فيكون المرجع هنا هو
الباعث وليس التأجيل ذاته , ويكون الحكم على مشروعية هذا القرار أن يكون محله قائماً حتى اللحظة المحددة للتنفيذ , فإن انعدم
هذا الركن أصبح القرار منعدماً لانعدام ركن المحل فلا يرتب أثراً . ( )

المبحث الثالث

تنفيذ القرارات الإدارية
تتمتع الإدارة بامتيازات وسلطات استثنائية في تنفيذ قراراتها , منها قرينة المشروعية, التي تفترض سلامة قراراتها الإدارية
حتى يثبت العكس , وتمتع قراراتها بقوة الشيء المقرر وقابليته للتنفيذ , وهو ما يجعل الإدارة في مركز المدعى عليها باستمرار ,
ويفرض على الأفراد احترام القرارات الصادرة عنها .
كما تتمتع الإدارة في مجال تنفيذ قراراتها الإدارية بامتياز التنفيذ المباشر الذي يتيح لها تنفيذ القرارات الإدارية التي تصدرها
بنفسها .
أولاً : مفهوم التنفيذ المباشر
يقصد بالتنفيذ المباشر السلطة الاستثنائية التي تملكها الإدارة في تنفيذ قراراتها بنفسها تنفيذاً جبرياً عند امتناع الأفراد عن تنفيذها
اختيارياً دون اللجوء إلى القضاء , وتقوم هذه السلطة على أساس افتراض أن كل ما تصدره الإدارة من قرارات يعد صحيحاً
ومطابقاً للقانون إلى أن يثبت العكس لوجود قرينة المشروعية التي تعفى الإدارة من إثبات صحة قراراتها , ومن ثم لا يقبل من
أحد الامتناع عن تنفيذها لمطابقتها للقانون .
وهنا يجب التمييز بين نفاذ القرار الإداري وتنفيذه فالنفاذ يتعلق بالآثار القانونية للقرار الإداري وهي عنصر داخلي في القرار
الإداري , في حين يكون تنفيذ القرار بإظهار آثاره في الواقع وإخراجه إلى حيز العمل وتحويله إلى واقع مطبق يؤدي إلى تحقيق
الهدف من اتخاذه.( )
ومن ثم فهناك من القرارات الإدارية ما يكفي فيها القوة التنفيذية أو النفاذ ولا تتطلب إجراءاً تنفيذياً خارجياً كقرار الإدارة بتوقيع
عقوبة الإنذار على موظف عام , أو قرارات الإدارة التي تنفذ طوعية من الأفراد المخاطبين بها .
أما إذا تعنت الأفراد في تنفيذ قرارات الإدارة فإن الأمر يستدعي التنفيذ المادي للقرار , وحيث أن طريق التنفيذ المباشر هو طريق
استثنائي فإنه يتم اللجوء إلى القضاء للحصول على حكم بالتنفيذ إذا لم يقبل الأفراد بتنفيذ القرار اختيارياً ويتم ذلك عن طريق
استخدام الدعوى الجنائية أو الدعوى المدنية .
غير أن الإدارة باعتبارها سلطة عامة قائمة على حماية المصلحة العامة وتحقيق مصالح الأفراد وضمان سير المرافق العامة
بانتظام واطراد , أتاح لها المشرع الحق في أن تنفيذ قراراتها بالقوة الجبرية إذا رفض الأفراد تنفيذها اختياراً دون حاجة إلى أذن
من القضاء.( )

ثانياً : حالات التنفيذ المباشر .
لأن التنفيذ المباشر يعد وسيلة استثنائية فإن الإدارة لا تلجأ إلى استخدامه إلا في حالات معينة هي :
1. النص من جانب المشرع : قد يخول المشرع الإدارة سلطة تنفيذ قراراتها تنفيذاً جبرياً دون الحاجة إلى أذن سابق من القضاء ,
مثال ذلك حجز الإدارة على المرتب والعلاوات والمعاشات والمكافآت وسائر المزايا المالية التي يستحقها الموظف في حدود
معينه .
2. عدم وجود وسيلة قانونية أخرى لتنفيذ القرار الإداري : إذا لم يكن للإدارة وسيلة قانونية تلجأ إليها لتنفيذ القرار الإداري , كان
لها أن تنفذه جبرياً لتكفل احترامه ولو لم ينص القانون على ذلك .
فإذا نص المشرع على جزاءات جنائية تترتب على الأفراد في حالة امتناعهم عن تنفيذ القرار الإداري , فإنه يمنع على الإدارة
استعمال سلطة التنفيذ المباشر .
3. حالة الضرورة : يجوز للإدارة أن تلجأ إلى التنفيذ المباشر في حالة وجود خطر يهدد النظام العام بعناصره الثلاثة الأمن العام
و السكينة العامة و الصحة العامة , بحيث يتعذر عليها مواجهة هذا الخطر باستخدام الطرق العادية , ونظراً لخطورة اللجوء إلى
التنفيذ المباشر في هذه الحالة فقد جرى القضاء والفقه على أن حالة الضرورة لا تقوم إلا بتوافر شروط معينة يمكن إجمالها بما
يلي :
أ-وجود خطر جسيم يهدد النظام العام بعناصره الثلاثة "الأمن,الصحة , السكينة".
ب- تعذر دفع هذا الخطر بالوسائل القانونية العادية .
ج-أن يكون هدف الإدارة من تصرفها تحقيق الصالح العام .
د- أن يكون تصرف الإدارة في الحدود التي تقتضيها الضرورة .

ثالثاً : شروط تطبيق التنفيذ المباشر .
يشترط للجوء الإدارة إلى التنفيذ الجبري في الحالات السابقة توافر الشروط الآتية:
1. أن يستند القرار المراد تنفيذه إلى نص تشريعي إذ أن الفكرة الأساسية التي تبرر التنفيذ المباشر هي وجوب تنفيذ القانون ,
ومن ثم لا يمكن استعمال هذا الأجراء إلا لتنفيذ نص تشريعي أو قرار إداري صادر تنفيذاً للقانون . ( )
2. اصطدم تنفيذ القانون أو القرار بامتناع من جانب الأفراد , ومن ثم على الإدارة أن تنذرهم بوجوب تنفيذ حكم القانون أو القرار
طوعاً , فإذا رفضوا جاز للإدارة استعمال طريق التنفيذ المباشر . ( )
3. يجب أن يقتصر التنفيذ المباشر على الإجراءات الضرورية لتنفيذ القرار , دون أن تنصرف وتستعمل ما يتجاوز الضروري
.
فإذا خالفت الإدارة هذه الشروط , وتذرعت بالتنفيذ المباشر , فأنها تتحمل ما قد ينشأ عن تنفيذ القرار من أضرار تلحق بالأفراد ,
ويعد إجراءاها اعتداء مادياً مع عدم المساس بالقرار الإداري الذي من الممكن أن يكون مشروعاً في ذاته .

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ DZOFFERS 2017 ©