مساحة إعلانية

الاثنين، 16 مايو 2016

الاثنين، 16 مايو 2016

وحدة علم النفس التربوي

التعليم العالي والبحث العلمي

المدرسة العليا للأساتذة في الآداب والعلوم الإنسانية

التكوين عن بعد. جامعة التكوين المتواصل

وحدة علم النفس التربوي(دروس وتطبيقات)

السنة الثالثة لسانس تعليم جميع التخصصات

إعداد الأساتذة:

فضيلة مقران

كريمة صيام

عبد الرحيم بلعروسي

السنة الجامعية2007/2008

الفصل الأول: مدخل إلى علم النفس التربوي

مقدمة

حتى يتوصل المربون إلى فهم التلميذ كما يجب ،لابد من دمج التربية مع علم النفس بشكل يتمخض عن هذا الدمج علم اسمه "علم النفس التربوي"، غير أن هذا العلم الجديد كسائر فروع علم النفس لم يتطور إلا في الثلاثينات من القرن العشرين، حيث تم تحديد موضوع سيكولوجية المواد الدراسية كالقراءة و التهجي و الحساب و انتشرت أبحاث كثيرة في طرق التدريس.

و في الستينات تركزت الأفكار الرئيسية حول محتوى علم النفس التربوي وتحدد موضوعه،و أصبح له كيانه المستقل و المتميز.

1- تعريفعلمالنفسالتربويو تحديدمجالهومواضيعه

1 -1 - تعريف علم النفس التربوي :

علمالنفسالتربوي : هو الدراسة العلمية للسلوك الإنساني في مختلف المواقف التربوية.

كما أنه فرع نظري وتطبيقي من فروع علم النفس يهتم أساسا بالدراسات النظرية والإجراءات التطبيقية لمبادئ علم النفس في مجال الدراسة وتربية النشء وتنمية إمكاناتهم وشخصياتهم ويركز بصفة خاصة على عمليتي التعليم و التعلم .

و يعرفه د. فؤادأبوحطبود. أمالصادق بأنه سيكولوجية المنظومات التربوية والدراسة العلمية للسلوك الإنساني الذي يصدر خلال العمليات التربوية (أبو حطب وصادق 2002 ) .

أماتوقوآخرون(2002) فيعرفون علم النفس التربوي بأنه ذلك الميدان من ميادين علم النفس الذي يهتم بدراسة السلوك الإنساني في المواقف التربوية وخصوصا في المدرسة، وهو العلم الذي يزودنا بالمعلومات والمفاهيم و المبادئ و الطرق التجريبية و النظرية التي تساعد في فهم عملية التعلم و التعليم و تزيد من كفاءتها .

و يذكر الزغول(2002 ) أن علم النفس التربوي هو ذلك المجال الذي يعني بدراسة السلوك الإنساني في مواقف التعلم و التعليم لدى الأفراد، ويسهم في التعرف إلى المشكلات التربوية و العمل على حلها و التخلص منها .(أبو جادوا،2005) .

نستخلص أن علمالنفسالتربويهوالدراسةالمنظمة للسلوكالإنسانيوعملياتهالعقليةوالانفعالية والشعوريةوالأنشطةالجسميةذاتالعلاقة ،فيالمواقفالتربويةالهادفةلمساعدةالفرد علىالنموالسويالمتكاملمنالنواحيالعقلية والجسميةوالاجتماعية،ليصبحقادرا علىالتكيفمعنفسهومايحيط به( أبوجادو، 2005 )

1 -2 -مجالوموضوععلمالنفسالتربوي:

يعد علم النفس التربوي la psychopédagogie من المقررات الأساسية اللازمة لتدريب المعلمين في كليات و معاهد التربية، و إعداد المعلمين و الموجهين في برامج التدريب و التأهيل بمختلف أنواعها و مستوياتها وإعداد الأخصائيين النفسيين العاملين في المجال المدرسي .

و المهمة الجوهرية لهذا العلم هي تزويد المعلمين و غيرهم من العاملين في ميادين تعديل السلوك الإنساني بالمبادئ النفسية الصحيحة التي تتناول مشكلات التربية و مسائل التعلم المدرسي لكي يصبحوا أعمق فهما و أوسع إدراكا و أكثر مرونة في المواقف التربوية.

و من أهم الطرق التي اعتمد عليها الباحثون في تحديد مجالات و موضوعات علم النفس التربوي ، تحليل محتوى المؤلفات التي كتبت في هذا الميدان ، فوجدوا أن أكثر الموضوعات تكرارا هي :

1- النمو المعرفي و الجسمي و الانفعالي و الاجتماعي .

2- عمليات التعلم و نظرياته و طرق قياسه و تحديد العوامل المؤثرة فيه ، و انتقال أثر التدريب و الاستعداد للتعلم و طرق التدريس ، وتوجيه التعلم و تنظيم موقف التدريس .

3- قياس الذكاء و القدرات العقلية و سمات الشخصية و التحصيل ، و أسس بناء الاختبارات التحصيلية و شروط الاختبارات النفسية و التربوية .

4- التفاعل الاجتماعي بين التلاميذ و المعلمين و بين التلاميذ أنفسهم .

5- الصحة النفسية للفرد و التوافق الاجتماعي و المدرسي .

ويحدد أوزوبل Ausubel مجال و موضوع علم النفس التربوي بمشكلات التعلم التالية

1 -اكتشاف تلك الجوانب من عملية التعلم التي تؤثر في اكتساب المعلومات و الاحتفاظ بها لمدة طويلة .

2- تحسين التعلم بعيد المدى و القدرة على حل المشكلات .

3- اكتشاف الخصائص الشخصية و المعرفية للمتعلم ذات العلاقة بالتعلم و اكتساب المعرفة ، و كذلك اكتشاف الجوانب الاجتماعية و العلاقات الشخصية المتبادلة في البيئة التعليمية التي تؤثر في نتائج تعلم المادة الدراسية ، و اكتشاف عوامل دافعية التعلم و الطرق النموذجية لاستعاب هذه المادة .

4- اكتشاف أكثر الطرق كفاية في تنظيم المواد التعليمية و تقديمها و كيفية توجيه التعلم

و استثارته نحو أهداف محددة .(أبو جادوا،2005)

يهتم علم النفس التربوي إذن بدراسة الخصائص الأساسية لمراحل النمو المختلفة وكيفية تطبيقها في الميدان التربوي و في إعداد المناهج الدراسية التي تناسب كل مرحلة عمرية معينة. ويهتم بكيفية تطبيق واستخدام المبادئ الأساسية لعمليتي التعليم و التعلم ، كما أنه :

1 - يعتمد على مجموعة من الحقائق والمعارف المشتقة من البحث العلمي في علم النفس.

2- يركز على دراسة السلوك في مجالات العمل المدريس.

3 - يتبنى منهجا للبحث العلمي و تجميع و تنظيم البيانات و المعارف.

4 - دراسة المبادئ و الشروط الأساسية للتعلم.

5- تعويد الأطفال على العادات و الاتجاهات السليمة.

6 - إجراء التجارب لمعرفة افضل المناهج التعليمية.

7 - الاستعانة بالاختبارات النفسية لقياس ذكاء التلاميذ.

و نستنتج باختصار من خلال ما ذكرناه من معطيات، أن موضوع علم النفس التربوي هو التعلم المدرسي .

2 -أهداف علم النفس التربوي.

يقدم علم النفس التربوي المساعدة الضرورية لحل المشكلات التربوية بصفة عامة ومشكلات التعليم بصفة خاصة ، مثل هذه المشكلات تظهر من خلال ممارسات المعلمين في المدارس ، و استخدامات علم النفس التربوي تقع في خمس مجلات هي :

1- الأهداف التعليمية : يقصد بالأهداف التعليمية أنها أهداف المدرسة بصفة عامة والتعليم بصفة خاصة.

2 - خصائص نمو التلاميذ : يتعامل علم النفس التربوي مع طرق صياغة الأهداف وتصنيفها و استخدامها في التعليم فعند صياغة الأهداف ينبغي مراعاة خصائص التلميذ حتى يمكن معرفة كيفية حدوث التعلم الجيد عند هذا التلميذ .

3- طرق التدريس : ينبغي معرفة الطرق التي يمكن بها تنمية القدرات المعرفية للتلاميذ و كذلك طرق تنميتهم في الجوانب الجسمية و الاجتماعية و الانفعالية في مراحل النمو المختلفة من الطفولة إلى الرشد ، بالإضافة إلى معرفة أساليب تعليم التلاميذ .

4- طبيعة عملية التعلم : تتعامل عملية التعلم مع الطرق التي بها نكتسب الأساليب الجديدة في السلوك و هذه الطرق تهم المعلمين حيث تساعدهم على اختيار طرق التدريس. والطرق التي يختارها المعلمين من أجل تحقيق الأهداف و تحقيق أفضل نتائج.

5- تقويم التعلم : يتم تقويم التعلم بواسطة الاختبارات بأنواعها المختلفة … كل ذلك يبين أهمية علم النفس التربوي واستخداماته في المدرسة . (منسي ، 1990 )

و تركز البحوث في علم النفس التربوي في ثلاثة مجالات رئيسية أو ثلاثة متغيرات هامة هي الأهداف التعليمية ، خصائص التلميذ ، و طرق التدريس .

فاختيار طرق التدريس ينبغي أن يكون مبنيا على طبيعة هذه الأهداف ( معرفية - وجدانية - نفس حركية ) و على طبيعة التلاميذ الذين يقوم المدرس بتعليمهم ، فعلم النفس التربوي يعمل على توفير المعلومات التي على أساسها يتم اختيار طرق التدريس .

إن مهمة عالم النفس التربوي و هو يتعامل مع العملية التعليمية ، إنما هي وظيفة و مهمة الخبير الذي يقرر الوسائل التي يجب إتباعها للحصول على النتيجة المرغوب فيها ، بأكبر درجة من الكفاية ، و من هنا كانت أهمية دراسة علم النفس بالنسبة للمعلم .

و يهدف علم النفس التربوي ، إلى تحقيق غرض مزدوج ألا و هو تطوير أسس علم النفس العام و تطبيقها من أجل تطوير العملية التربوية ، و لكي يحقق هذا الغرض فإنه ينهل من ميادين علم النفس الأخرى ، و بخاصة ميادين التعلم و النمو و الفروق الفردية و الصحة النفسية و الإرشاد و التوجيه ، و غيرها .

ويرى جودوين و كلوزماير (Goodwin & Klausmeir) أن علم النفس التربوي يسعى إلى تحقيق هدفين أساسين هما :

1-توليد المعرفة الخاصة بالتعلم و المتعلمين و تنظيمها على نحو منهجي ، بحيث تشكل نظريات و مبادئ و معلومات ذات صلة بالتلاميذ و التعلم .

يشير هذا الهدف إلى الجانب النظري الذي ينطوي عليه علم النفس التربوي ، فهو علم يتناول دراسة سلوك المتعلم في الأوضاع التعليمية المختلفة ، حيث يبحث في طبيعة التعلم و نتائجه و قياسه ، و في خصائص المتعلم ذات العلاقة بالعملية التعلمية التعليمية .

2 -صياغة هذه المعرفة في أشكال تمكن المعلمين و التربويين من استخدامها و تطبيقها في المواقف التعلمية التعليمية .

يشير هذا الهدف لعلم النفس التربوي إلى جانبه التطبيقي ، إذ لابد من تنظيم هذه المبادئ و النظريات في أنماط تمكن المعلمين من استخدامها و اختبارها و بيان مدى صدقها وفعاليتها ، ولذلك يلجأ علماء النفس التربوي إلى تطبيق ما يصلون إليه من معارف إلى الأوضاع التعليمية المختلفة، ويقومون بتعديلها في ضوء ما يسفر عنها من نتائج، لضمان تحقيق أفضل النتائج المرغوب فيها. (أبو جادوا،2005).

و يهدف علم النفس التربوي ، في نهاية المطاف ، من وراء نشاطه العلمي في الوصول إلى المعرفة التي يستطيع بها أن يفسر العلاقة النظامية بين المتغيرات التي هي بمثابة السلوك في المواقف التربوية ، و العوامل المؤدية إلى إحداث هذا السلوك ، و لا يتأتى ذلك إلا من خلال تحقيق الأهداف التالية :

1-الفهم :la compréhension :

يتمثل هذا الهدف في الإجابة عن السؤالين ( كيف؟ و لماذا ؟ ) يحدث السلوك.

إن كل واحد منا يريد أن يعرف كيف تحدث الأشياء ، و لماذا تحدث على الشكل الذي حدثت به، و الأفكار التي تقدم فهما حقيقيا للظاهرة ، يجب أن تكون من نوع يمكن إثباته تجريبيا ، ومما لا يمكن نقضه بسهولة عن طريق أفكار أخرى .

2 -التنبؤ: la prédiction :

يتمثل هذا الهدف في الإجابة عن السؤالين ( ماذا يحدث؟ و متى يحدث؟ ) إن معيار الفهم الذي يتبناه العلماء هو التنبؤ، ولذا يمكن القول بأن أي محاولة لزيادة الفهم تكون ذات قيمة حين تكون نتائج الوصف هي التنبؤ الدقيق عن الظاهرة الأصلية أو حين يؤدي الوصف إلى التنبؤ عن ظواهر أخرى ذات علاقة بالظاهرة الأصلية ، من ناحية أخرى فبالعلم تقيم المفاهيم و النظريات إلى المدى الذي تسمح فيه بإجراء التنبؤات التي لم يكن بالإمكان أن تحدث في غياب هذه المفاهيم و النظريات .

3-الضبط: le contrôle

ويعني الضبط، قدرة الباحث في التحكم في بعض العوامل أو المتغيرات المستقلة التي تسهم في إحداث ظاهرة ما ، لبيان أثرها في متغيرات أخرى .و ضبط هذه المتغيرات في المجال التربوي ليس بالأمر السهل ، لتنوعها و تفاعلها .

نستنتج أن عمليات الفهم و التنبؤ و الضبط تقوم على إيجاد نوع من العلاقات بين المتغيرات موضوع الاهتمام ، فالفهم يقوم على العلاقات المنطقية ، و التنبؤ يقوم على العلاقات الزمنية ، بينما يقوم الضبط على العلاقات الوظيفية أو السببية .

3-أهمية و فوائد علم النفس التربوي بالنسبة للمعلم .

إذا كانت الطرق التي يلجأ إليها المعلم غير المعد إعدادا نفسيا و تربويا للمهنة لا تصلح في معظمها للوصول إلى أفضل طرق التعلم المدرسي ، فما الذي يقدمه علم النفس التربوي للمعلم الذي يتلقى هذا النوع من الإعداد ؟

يدرك المعلمون من تجاربهم و خبراتهم في الميدان التربوي أن عملية التعليم و التعلم معقدة و يشعرون بالحاجة إلى اكتساب المهارات التي تمكنهم من تحقيق الأهداف المعقودة على التعليم بكفاية و فعالية ، ويسعى علم النفس التربوي بما لديه من نظريات في التعلم و اختبارات في القياس النفسي إلى تحقيق ذلك مراعيا الفروق الفردية بين التلاميذ ، مقدما الأساس العلمي لهذه النظريات والمبادئ في صورة تجارب أجراها علماء النفس في هذا الميدان .

ويمكن أن نلخص أهمية و فوائد علم النفس التربوي بالنسبة للمعلم فيما يلي :

1- استبعاد ما ليس صحيحا حول العملية التربوية :

من المهام الرئيسية لعلم النفس التربوي أن يساعد المعلم على استبعاد الآراء التربوية التي تعتمد على ملاحظات غير دقيقة ، و خاصة تلك التي تعتمد على الخبرات الشخصية و الأحكام الذاتية و الفهم العام ، التي لا يتفق دائما مع الحقائق العلمية ، و تقبل هذه الآراء العامة ، و الفهم العام لا يحسمها إلا البحث العلمي المنظم .و هذه إحدى المهام الرئيسية لعلم النفس التربوي.

2 -تزويد المعلم بحصيلة من القواعد و المبادئ الصحيحة التي تفسر التعلم المدرسي:

المهمة الثانية لعلم النفس التربوي هي تزويد المعلم بحصيلة من القواعد و المبادئ الصحيحة التي تمثل نظرية في التعلم المدرسي.

و القواعد و المبادئ التي يوفرها هذا العلم هي ( نتائج ) البحث العلمي المنظم التي يمكن تطبيقها في معظم المواقف التربوية و ليس في كلها . و بصفة عامة فقد نجد أن أحد المبادئ السيكولوجية قد يصلح لبعض الممارسات التربوية أو بعض طرق التدريس و لا يصلح للبعض الآخر ، بل أن بعض هذه المبادئ قد يكون أكثر ملاءمة إذا توفرت مجموعة من الشروط المدرسية و الخصائص النفسية للتلاميذ و المعلم ، بينما قد يصلح بعضها الآخر في ظروف تعليمية مختلفة أو مع تلاميذ و معلمين آخرين .

و مع ذلك فإن معظم مبادئ التعلم المدرسي التي يتزود بها المعلم من علم النفس التربوي تصلح لمعظم الممارسات و المواقف التربوية ، و من هذه المبادئ ما يتصل مثلا بتجميع التلاميذ و تصنيفهم و تدريسهم و استخدام المسائل التعليمية و طرق التدريس و طرق التقويم و غير ذلك .

3-إكساب المعلم مهارات الوصف العلمي و الفهم النظري و الوظيفي للعملية التربوية :

من المهام الرئيسية لعلم النفس التربوي أيضا إكساب المعلم مهارات الفهم النظري و الوظيفي للعملية التربوية بحيث يصبح هذا الفهم أوسع نطاقا و أعمق مدى و أكثر فاعلية ، معتمدا على الملاحظة العلمية المنظمة و طرق البحث القائمة عليها.

و لا يتحقق هذا الفهم العلمي و مهارته في المعلم إلا من خلال تحقيق أهداف علم النفس التربوي و التي لا تختلف في جوهرها عن أهداف العلم بصفة عامة و هي :الوصف و التفسير و التنبؤ و الضبط .

4-تدريب المعلم على التفسير العلمي للعملية التربوية :

أشرنا إلى أن التفسير من مكونات الفهم العلمي ومن أهم إسهامات علم النفس التربوي أنه يدرب المعلم على هذا النوع من التفكير بحيث يصبح قادرا على تفسير مختلف أنماط السلوك التي تصدر عن التلميذ و خاصة إذا استمرت لفترة من الزمن ، و بهذا يستطيع المعلم أن يميز بين أنماط السلوك التي تثير الاهتمام و التي لا تثيره ، فمثلا قد يوجد في قسمه تلميذ بطئ في استجابته للتعليمات أو الأسئلة ، ومع ذلك لا يتعجل في الحكم عليه بالتخلف الدراسي أو بطئ التعلم ، وإنما يبدأ ملاحظته بطريقة علمية منظمة ، و قد يتوصل من ذلك إلى أن بطئ التلميذ في الاستجابة إنما يرجع إلى ضعف سمعه .

وهكذا يوصف هذا المعلم بأنه تدرب على نوع أخر من الفهم العلمي هو التفسير أو التفكير السببي . و المعلم المدرب على هذا النوع من التفكير ، من خلال دراسته لعلم النفس التربوي يحاول الإجابة على السؤال التالي : ما الذي يسبب سلوك التلاميذ ؟ أو ما العوامل المسئولة عن إحداث هذا السلوك ؟ و بهذا يتقدم المعلم بخطوات واسعة نحو الفهم الأفضل للعملية التربوية ، و لا تكون استجابته لسلوك تلاميذه انفعالية أو دفاعية ، و خاصة في المواقف التربوية المشكلة مثل اضطراب النظام داخل القسم .

5- مساعدة المعلم على التنبؤ العلمي بسلوك التلاميذ وضبطه :

من مهام علم النفس التربوي الرئيسية دراسة العوامل المرتبطة بالنجاح و الفشل في التعلم المدرسي ، ومن هذه العوامل: طرق التعلم و وسائله ، و شخصية المتعلم و مستوى نضجه ، و العوامل الوراثية و والظروف الاجتماعية المحيطة ، و الدافعية ، والجو الانفعالي المصاحب للتعلم ، و بالطبع لا يزال أمام علم النفس التربوي شوط بعيد لاكتشاف الكثير من خصائص التعلم و الشروط التي يتم فيها.

و مع ذلك يوجد في الوقت الحاضر ثروة هائلة من نتائج البحوث التي تفيد في تحديد العوامل المؤثرة في التعلم سواء داخل القسم أو خارجه.

4 -مناهج البحث في علم النفس التربوي .

البحث عملية منظمة للتوصل إلى حلول المشكلات ، أو إجابات عن تساؤلات تستخدم فيها أساليب في الاستقصاء و الملاحظة ، مقبولة و متعارف عليها بين الباحثين في مجال معين ، و يمكن أن تؤدي إلى معرفة جديدة .

و أيا كان المنهج العلمي المستخدم في البحث في علم النفس التربوي ، فإنه يستخدم و يطبق خطوات البحث العلمي و هي تحديد المشكلة و وضع فرضيات أو الفروض ، وضع التصميم التجريبي و تنفيذ التصميم التجريبي و تطبيقه ، واختبار الفروض أو الفرضيات و نشر النتائج . ويمكن تصنيف أهم أنواع مناهج البحث في علم النفس التربوي في ثلاث فئات هي :

1-المنهج الوصفي la méthode descriptive :

تطور المنهج الوصفي في علم النفس التربوي في القرن العشرين ، بعد اكتشاف الآلات الحاسبة التي تستطيع تصنيف البيانات و الأرقام و تحديد العلاقات بسرعة . و يقوم هذا المنهج على دراسة الظاهرة كما تحدث في الواقع دون أية محاولة من قبل الباحث للتأثير في أسباب و عوامل هذه الظاهرة ، وقد يتم دراسة الظاهرة أثناء وقوعها في بعض الحالات أو بعد وقوعها في حالات أخرى .

و يسعى الباحث في مثل هذا النوع من الدراسات إلى تقديم وصف كمي أو كيفي عن الظاهرة المدروسة ، ويستخدم الباحث في هذا المنهج عدة أدوات لجمع البيانات من بينها : الملاحظة المنظمة و المقابلة و الأدوات المسحية كالاستبيانات و استفتاءات الرأي ، والسجلات ، والوثائق ، و المذكرات ، و المقاييس و الاختبارات بأنواعها المختلفة .

وفيما يلي عرض لاثنين من الطرائق المستخدمة في هذا النوع من البحوث التربوية :

أ-الطريقة الطويلة : في هذه الطريقة يتتبع الباحث الظاهرة موضوع الدراسة عبر الزمن ، فلو كان الباحث يبحث في النمو المعرفي لدى الطفل من الميلاد إلى خمس سنوات ، فإن عليه ملاحظة تطور نموه المعرفي طوال هذه الفترة ، وتطبق هذه الطريقة على عينات صغيرة جدا ، قد تصل إلى فرد واحد ، وتتطلب هذه الطريقة مزيدا من الجهد والصبر و الوقت ، و يصعب تعميم نتائجها في أغلب الأحيان.

ب- الطريقة العريضة : يلجأ الباحث إلى استخدام هذه الطريقة توفيرا للوقت و الجهد ، فيقسم الفترة الزمنية المراد تتبع الظاهرة عبرها ، إلى فترات عمرية يحددها الباحث ، ثم يأخذ عينات كبيرة ، كل عينة تمثل فترة عمرية فرعية ، ثم يحسب المتوسط الحسابي لكمية وجود الظاهرة لكل فئة ليصل في النهاية إلى استخراج متوسطات حسابية لكل فئة ، من الفئات التي كان حددها لتمثل المرحلة الزمنية الكلية المراد تتبع نمو الظاهرة عبرها .

ينتظر من الباحث الوصفي أن يقدم أوصافا دقيقة للظاهرة على شكل جداول تصبح معايير للظاهرة المدروسة ، و يمكن تطبيقها على أفراد آخرين ، إضافة لذلك ينتظر من الباحث الوصفي أن يكشف عن المتغيرات أو العوامل ذات العلاقة بالظاهرة ، و نوعية العلاقات الوظيفية لهذه المتغيرات بالنسبة للظاهرة موضوع الدراسة ( أبو جادو ،2005).

و ما زال هذا الأسلوب أكثر استخداما في الدراسات الإنسانية .

2- المنهج التجريبي : la méthode expérimentale: إن الباحث الذي يستخدم المنهج التجريبي في بحثه لا يقتصر على مجرد وصف الظواهر التي تتناولها الدراسة ، كما يحدث عادة في البحوث الوصفية ، كما أنه لا يقتصر إلى مجرد التأريخ لواقعة معينة ، و إنما يدرس متغيرات هذه الظاهرة ، و يحدث في بعضها تغييرا مقصودا ، ويتحكم في متغيرات أخرى ليتوصل إلى العلاقات السببية بين هذه المتغيرات .

و فيما يلي عرض لطريقتين من المنهج التجريبي :

أ- طريقة المتغير المستقل : المتغير المستقل هو العامل أو المتغير الذي نحاول أن نستكشف تأثيره ، أو هو الحالة أو الظرف الذي يقوم الباحث بمعالجته أو تغييره ، أما المتغير التابع فهو الاستجابة أو السلوك الذي يقوم الباحث بقياسها ، مثال . إذا أراد الباحث أن يدرس أثر مستوى الذكاء في التحصيل ، يكون الذكاء هو المتغير المستقل ، و التحصيل هو المتغير التابع .

ب- المجموعة التجريبية : تعتمد هذه الطريقة على تكوين مجموعتين متكافئتين في العديد من المتغيرات التي يمكن قياسها مثل : الذكاء ، العمر الزمني ، الجنس ، السنة الدراسية ،مستوى التحصيل الدراسي ، وذلك باستخدام اختبار قبلي pré - test ، ثم يتبع ذلك تحديد المتغير الذي سيدخله على إحدى المجموعتين و على سبيل المثال طريقة جديدة في التدريس ، هذه المجموعة ، تعرف باسم المجموعة التجريبية ، و في الوقت نفسه تترك المجموعة الثانية على حالها ن وتسمى المجموعة الضابطة ، وبعد انتهاء الفترة الزمنية التي حددها التصميم التجريبي ، و التي قدمت من خلالها أنشطة و فعاليات تدريسية باستخدام طريقة جديدة للمجموعة التجريبية ، و في الوقت الذي استمرت فيه المجموعة الضابطة باستخدام أسلوب التدريس المعتاد نفسه ، يجري الباحث اختبارا بعدي post -test، فيخرج بدرجات لكل فرد من المجموعتين يطلق عليها اسم الدرجات الخام ، وبعد ذلك يخضعها للمعالجة الإحصائية ليستكشف ما إذا كان بين أداء المجموعتين على الاختبار البعدي فروقا ذات دلالة إحصائية لصالح أي من المجموعتين .

و نستنتج أن بالتصميم التجريبي الجيد يمكن للباحث في علم النفس التربوي التحكم في العوامل الأخرى التي قد تؤثر في المتغير التابع و تؤدي إلى أخطاء البحث وضلال الحكم على العلاقة السببية .

ويستخدم الباحثون في ميدان علم النفس التربوي في تجاربهم ، الطرق الإحصائية لتقدير ما إذا كانت النتائج تعود حقا إلى وجود علاقة سببية بين المتغير المستقل و المتغير التابع أم أنها لا تتجاوز حدود المصادفة . فحينما نصل من التحليل الإحصائي للنتائج إلى أن الفروق بين المجموعات (من مختلف المعالجات ) دالة ، أي أنها تتجاوز مستوى المصادفة بدرجة كافية من الثقة فإن ذلك يؤدي بنا إلى القول بوجود علاقة سببية بين المتغيرين.

1- المنهج الإكلينيكي أو العيادي la méthode clinique: تشير كلمة إكلينيكي أصلا إلى شيء مرتبط بدراسة الظواهر غير العادية

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ DZOFFERS 2017 ©